سياسة المليون مستوطن التي ينتهجها “سموتريش”تؤدي إلى تآكل الثقة الدولية المتبقية في الكيان

20221302230153.jpg
Share This

إن كيان العدو واقع في الفخ الأمني الأكثر تعقيدًا على الإطلاق، ومن مكانته كقوة إقليمية، أصبح الكيان منبوذًا إقليميًا، وهو وضع أسوأ عدة مرات من العزلة التي وجد نفسه فيها حتى أثناء الحصار عشية حرب الأيام الستة.

الحكومة الأكثر إرباكًا في تاريخ الكيان، تعبر عن مجموعة من الأجندات السياسية المتناقضة تماماً، دون أي رؤية أمنية وطنية موحدة، وتدار بعدم مسؤولية صارخة، ويقودها متطرفون ليس لديهم أي فكرة عن حجم الكارثة التي يقودون إليها كل الكيان.

آخر عود ثقاب لـ”بن غفير” الذي يمكن أن يشعل النار في السجون، ومن هناك إلى غزة والضفة الغربية، بل ويشعل المنطقة بأكملها، أثار بحق فزع “نتنياهو” الذي أوضح على الفور أن هذه أخبار كاذبة، لكن هذه الحادثة هي مجرد مثال آخر على الخطورة غير المسؤولة لأعضاء هذه الحكومة، سبقه البيان الفاشي حول تفوق اليهود على الفلسطينيين في التنقل على طرق الضفة الغربية، والتصريح حول ضرورة محو حوارة والدعوة إلى “سور واقي” في القدس، ومحاولة حجب الأموال عن السلطات المحلية العربية، ومحاولة تجفيف المدارس لما قبل الأكاديمية لسكان شرقي مدينة القدس الفلسطينيين، مع غض الطرف عن الاعتداءات المستمرة على الفلسطينيين الأبرياء وكل هذا إلى جانب الهجمات بهدف إضعاف جيش العدو وقادته و”الشاباك” بشكل متعمد.

“سموتريتش”، الذي يقع مقره في طابق فوق مكتب وزير جيش العدو، يتآمر عليه، واستولى على الإدارة المدنية ونقل الميزانيات من وزارة المالية لتعزيز سياسته التخريبية والمستقلة المتمثلة في احتلال المنطقة (ج) من خلال استيطان 155 مستوطنة جديدة، وهي خطوة تتناقض تماما مع سياسة الكيان الأمنية على مر السنين ومع حكومة “نتنياهو” نفسها التي أعلنت الحفاظ على السلطة الفلسطينية كمصلحة أمنية للكيان.

لكن، من وجهة نظر “سموتريش”، فإن سحق السلطة الفلسطينية وخلق الفوضى هو السبيل الضروري لتوطين مليون يهودي في الأراضي الفلسطينية والثمن ليس في الاعتبار، لا الثمن المعبر عنه في تكثيف الهجمات إلى مستوى حرب يومية من مئات الهجمات، ولا الضرر المباشر بأمن المستوطنين والمستوطنات، وارتفاع ثمن الدم الذي وصل بالفعل إلى نحو 34 قتيلاً “إسرائيليًا”، ومائتين في الجانب الفلسطيني، ولا ثمن إلحاق الضرر “بالكفاءة القتالية لجيش العدو”، الذي لا يتدرب والتي تتراجع بشكل كبير بسبب حجم المهام.

ويعمل “الجيش” كل ليلة ويداهم عشرات القرى في الأسبوع، وهذا مستوى من الاحتكاك يزيد من الاشتعال في الميدان ويزيد من عدد الأشخاص الذين ينضمون إلى دائرة المقاومة.

وبالطبع، قبل كل شيء، يتجاهل “سموتريش” وشركاؤه في “الخطة المليونية” حقيقة أن ضم أراضي ملايين الفلسطينيين إلى الكيان سينهي الفصل الصهيوني اليهودي من البلاد.

سياسة المليون مستوطن التي ينتهجها “سموتريش” تضر بشدة بعلاقة الثقة مع الأميركيين وتؤدي إلى تآكل الثقة الدولية المتبقية في الكيان، إن سلوك هذه الحكومة الافتراضية يقوض أيضاً أهم إنجازات “نتنياهو”: “اتفاقيات إبراهام”، حيث إن فرصة التوصل إلى اتفاق تطبيع تاريخي مع السعودية أصبحت موضع شك، وربما تؤدي القضية المخزية للكشف عن اللقاء مع وزيرة الخارجية الليبية إلى محو فرصة تحقيق انفراج سياسي معهم في المستقبل المنظور.

صالح العاروري، الذي دخل اسمه مؤخرًا إلى الوعي “الإسرائيلي”، هو نجم حماس الجديد، ما يميزه هو أنه فهم أن غزة تدفع الثمن وأنها ليست مهمة بما يكفي لإشعال المنطقة، لذلك، بالنسبة له، يجب تصدير القتال من غزة إلى الضفة الغربية، ومن أجل هزيمة الكيان، لا بد من توحيد الجبهات مع حزب الله، ومن أجل جلب حزب الله، عليه أن يشعل ناراً صغيرة من لبنان.

و بعد الرد “الإسرائيلي”، سوف تشعل ناراً كبيرة مع حزب الله، وكانت التلميحات “الإسرائيلية” لاغتياله كافية لكي يتحمل نصر الله المسؤولية العلنية عن الحدث ويحذر الكيان من التحرك، وهذا دليل آخر على أن أعداء الكيان يدركون ضعفه ويقفون برؤوس مرفوعة علنًا أمامه.

الاحتجاجات الداخلية، والتهديد بوقف التطوع في الاحتياط، وتدهور الوضع الاقتصادي والدولي للكيان، كل ذلك هو مصدر التشجيع والأمل لدى نصر الله ورئيسي بالقضاء على “إسرائيل”.

إن الأزمة تبقي الحرب بعيدة، فلماذا يكلف أعداء الكيان أنفسهم وتتسخ أيديهم بما يفعله الكيان بشكل جيد بنفسه؟ أما الخبر الآخر، فهو أن كيان العدو يفقد قوة الردع الهائلة التي تمتع بها لسنوات، ويفقد قدرته على المناورة، وهو في أسوأ أوضاعه في جانب اتخاذ القرارات الاستراتيجية.

كلما تعاظمت عزلة الكيان، كلما أصبحت الساحة ضده أكثر اتحادا وأكثر جرأة وتحديًا، وفي الوقت نفسه، حرية العمل أصبحت أصغر، ومعها تستمر قدرة الردع في التآكل.

كل ما سبق هو مجرد مقدمة لما قد يحدث في الأسابيع المقبلة، إن عدم مسؤولية رئيس حكومة العدو وشركائه في الاستمرار في التعديلات القضائية وإقرار قانون التهرب من الخدمة للحريديم من المتوقع أن يتسببا في أزمة أكبر بكثير في قدرة وكفاءة جيش العدو.

إن احتمال حدوث أزمة دستورية، قد يضع المنظومة الأمنية بالكيان في موقف يفرض عليها الانصياع للحكومة التي تكفر بالقانون أو الانصياع للقانون كما تعرضه أو تقدمه المحكمة العليا ضد توجيهات الحكومة، قد يؤدي إلى انهيار داخلي كامل.

حتى اليوم، لا يوجد قانون يسمح للمحكمة العليا بإعلان عزل حكومة تعمل عمدًا ضد الأمن القومي في الكيان، وتعرض وجودها للخطر، وإذا لم ترجع الحكومة إلى رشدها وتظهر المسؤولية الوطنية من جانبها، فإن ذلك قد يضع قادة الأجهزة الأمنية بالكيان، في حالة كابوس لم يحلموا به قط أمام التداعيات الناشئة عن مثل هذا الوضع.

المصدر: أخبار 12

جي ميديا